أضرار معجون الأسنان

معجون الأسنان هو جزء أساسي من روتين العناية اليومية بصحة الفم والأسنان، إذ يُستخدم بشكل يومي من قبل معظم الناس حول العالم، ويُنظر إليه كمنتج آمن وفعال في مكافحة تسوس الأسنان والحفاظ على صحة اللثة والنَفَس المنعش. إلا أن العديد من الدراسات والبحوث الحديثة أظهرت أن بعض أنواع معاجين الأسنان، خاصة تلك التي تحتوي على مكونات كيميائية معينة أو تُستخدم بشكل مفرط، قد تحمل أضراراً صحية تتراوح بين الخفيفة والمزمنة. في هذا المقال، سنتناول بشكل موسع ومفصل أبرز الأضرار المحتملة لمعجون الأسنان، والعوامل المؤثرة في درجة خطورتها، مع التركيز على المكونات المثيرة للجدل والممارسات غير السليمة المرتبطة باستخدامه.

المكونات الكيميائية المثيرة للجدل في معجون الأسنان

تتكون معظم أنواع معاجين الأسنان من مزيج من المواد المنظفة، والمطهرة، والمُعطرة، والمُحليات الصناعية، ومضادات البكتيريا، والمواد الحافظة. بعض هذه المكونات قد يكون لها آثار جانبية ضارة على المدى الطويل، خاصة في حال الاستخدام المفرط أو ابتلاع المعجون. وفيما يلي أهم هذه المواد:

1. الفلورايد

الفلورايد يُعد من المكونات الأساسية في معظم معاجين الأسنان، نظراً لفعاليته في تقوية مينا الأسنان والوقاية من التسوس. إلا أن الجرعات الزائدة من الفلورايد، خاصة لدى الأطفال الذين قد يبتلعون كميات من المعجون، قد تؤدي إلى ما يُعرف بالتسمم بالفلورايد أو “فلوروز الأسنان”، وهو حالة تظهر على شكل تصبغات بيضاء أو بنية على الأسنان. كما أن استهلاك كميات مفرطة من الفلورايد قد يسبب مشاكل في العظام والغدة الدرقية على المدى الطويل.

2. التريكلوسان

يُستخدم كمضاد للبكتيريا في بعض معاجين الأسنان، لكنه يُعد من المركبات المثيرة للجدل. فقد أظهرت دراسات أن التعرض المزمن للتريكلوسان قد يُسبب اضطرابات هرمونية، ويُساهم في مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، كما قد يرتبط ببعض أنواع السرطان.

3. كبريتات لوريل الصوديوم (SLS)

تُستخدم هذه المادة كمادة رغوية في معاجين الأسنان. إلا أن الأبحاث أظهرت أنها قد تؤدي إلى تهيج الفم وظهور تقرحات، خاصة عند الأشخاص ذوي البشرة أو الأغشية المخاطية الحساسة. كما أن بعض الدراسات أشارت إلى احتمالية تأثيرها على الغشاء المخاطي داخل الفم وتعطيل توازن البكتيريا النافعة.

4. البارابين

يُستخدم كمادة حافظة، لكن هناك جدل علمي واسع حول تأثيراته المحتملة كمادة تؤثر على النظام الهرموني، ويُشتبه في ارتباطه ببعض أنواع السرطان، مثل سرطان الثدي، بسبب تشابهه في التركيب مع هرمون الإستروجين.

5. الداييثانولامين (DEA)

هذه المادة تُستخدم لتحسين قوام المعجون وإنتاج الرغوة، لكن يُشتبه في كونها مادة مسببة للسرطان عند استخدامها بشكل مستمر ولفترات طويلة.

6. الأسبارتام والمحليات الصناعية

تُستخدم لتحسين المذاق، إلا أن هناك شكوكًا حول تأثيراتها السلبية المحتملة، خاصة على الجهاز العصبي والهضمي، عند تناولها بكميات كبيرة.

أضرار صحية مباشرة نتيجة الاستخدام الخاطئ أو المزمن

إضافة إلى التركيب الكيميائي، يمكن أن يؤدي الاستخدام غير السليم لمعجون الأسنان إلى أضرار صحية تشمل:

– تآكل مينا الأسنان

استخدام معاجين أسنان تحتوي على مكونات كاشطة قوية بشكل متكرر قد يؤدي إلى تآكل طبقة المينا، مما يُسبب حساسية الأسنان، ويجعلها عرضة للتسوس.

– حساسية الأسنان

بعض المعاجين قد تحتوي على مواد تسبب تحفيز الأعصاب المكشوفة في الأسنان، مما يزيد من الشعور بالألم عند تناول المشروبات الساخنة أو الباردة.

– اضطرابات في الجهاز الهضمي

ابتلاع كميات من معجون الأسنان، خاصة من قبل الأطفال، قد يؤدي إلى اضطرابات في المعدة، مثل الغثيان، الإسهال، أو التقيؤ، نظراً لاحتوائه على مواد كيميائية غير مخصصة للاستهلاك الداخلي.

– التهاب الفم أو اللسان

المكونات الكاشطة أو الرغوية قد تُسبب التهابات في الأغشية المخاطية داخل الفم، مما يُؤدي إلى احمرار أو تقرحات مستمرة في الفم واللسان.

– ردود فعل تحسسية

بعض الأفراد قد يكون لديهم حساسية تجاه مكونات معينة في المعجون، مما يؤدي إلى أعراض مثل الحكة، الطفح الجلدي حول الفم، أو حتى صعوبة في التنفس في الحالات الشديدة.

التأثيرات البيئية لاستخدام معجون الأسنان

ليست الأضرار محصورة على الجانب الصحي فقط، بل تشمل أيضاً البيئة، حيث تُساهم بعض مكونات معجون الأسنان في تلوث المياه بعد تصريفها في المصارف. ومن أبرز هذه الأضرار:

– التأثير على الحياة المائية

مادة التريكلوسان وبعض المركبات الكيميائية الأخرى قد تؤثر سلبًا على الكائنات البحرية، خاصة عند تراكمها في البيئة المائية، ما يُؤدي إلى اختلالات بيئية في السلسلة الغذائية.

– العبوات البلاستيكية

معاجين الأسنان تُعبأ في أنابيب بلاستيكية غير قابلة لإعادة التدوير بسهولة، ما يُسهم في تراكم النفايات البلاستيكية التي تُشكل تهديداً بيئياً على المدى الطويل.

أضرار معجون الأسنان على الأطفال

الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة للمخاطر المرتبطة باستخدام معجون الأسنان، خاصة إذا لم تتم مراقبة استخدامهم بدقة. أبرز الأضرار تشمل:

• ابتلاع المعجون عن غير قصد، مما قد يؤدي إلى التسمم بالفلورايد.

• ظهور بقع فلورية على الأسنان بسبب الاستخدام المبكر والمفرط لمعجون غني بالفلورايد.

• ردود فعل تحسسية لبعض النكهات أو الألوان الصناعية.

لهذا السبب توصي الجمعيات الصحية باستخدام معاجين أسنان مخصصة للأطفال بنسبة منخفضة من الفلورايد، وبحجم صغير من المعجون (بحجم حبة الأرز)، مع إشراف الأهل أثناء التنظيف.

جدول يوضح أهم المكونات الضارة في معجون الأسنان وتأثيراتها

نصائح لتقليل أضرار معجون الأسنان

• اختيار معجون أسنان يحتوي على مكونات طبيعية وخالية من التريكلوسان والبارابين.

• استخدام كمية صغيرة من المعجون، بحجم حبة البازلاء للبالغين، وحبة أرز للأطفال.

• تجنب ابتلاع المعجون أثناء تنظيف الأسنان.

• تفادي استخدام المعاجين المبيضة أو الكاشطة بشكل يومي.

• شراء معاجين أسنان معتمدة من منظمات صحية موثوقة.

• التحقق من المكونات عند شراء أي معجون جديد.

البدائل الطبيعية لمعجون الأسنان التقليدي

تتوفر في الأسواق اليوم مجموعة متنوعة من معاجين الأسنان الطبيعية، المصنوعة من مكونات نباتية وخالية من المواد الكيميائية الضارة. كما يمكن لبعض المكونات الطبيعية أن تُستخدم كبدائل فعالة، منها:

• زيت جوز الهند: مضاد للبكتيريا ويساهم في تنظيف الفم.

• بيكربونات الصوديوم (صودا الخبز): فعالة في إزالة التصبغات دون الإضرار بالمينا.

• القرنفل والنعناع: مكونات طبيعية تعزز من صحة اللثة وتعطي نَفَسًا منعشًا.

لكن يُنصح دائماً باستشارة طبيب الأسنان قبل الاعتماد الكامل على هذه البدائل.

الخلاصة

رغم أن معجون الأسنان يُعد من الأدوات الأساسية في العناية اليومية بصحة الفم، إلا أن الوعي بالمكونات التي يحتويها والاستخدام الصحيح له أمر بالغ الأهمية لتفادي أضراره المحتملة. إن اختيار النوع المناسب، والحرص على تجنب المكونات الضارة، ومراقبة الاستخدام خاصة لدى الأطفال، يساهم في الحفاظ على صحة الفم دون تعريض الجسم لمخاطر غير ضرورية. إن الموازنة بين الفوائد والمخاطر تبدأ بالمعرفة الدقيقة والتوعية المستمرة بالمكونات التي تدخل في تركيبة هذا المنتج الشائع الاستخدام.

المراجع:

1. American Dental Association (ADA). “Toothpaste Safety.”

2. National Institutes of Health (NIH). “Fluoride Toxicity.”

3. Environmental Working Group (EWG). “Triclosan in Consumer Products.”

4. Journal of Clinical Periodontology. “Effects of Sodium Lauryl Sulfate on Oral Mucosa.”

5. Food and Drug Administration (FDA). “DEA in Personal Care Products.”

6. Scientific Committee on Consumer Safety (SCCS), European Commission.